آراء

الأم و الصحة في موريتانيا

بقلم: سيد امحمد أجيون

 

الأم والطفل في الواقع فترة زمنية محددة تتطلب الرعاية الصحية اللازمة والتدخل الطبي بالمتابعة والتشخيص الدقيق لضمان السلامة التي يصرف عليها من الوسائل و الإمكانيات ما لا يمكن تصوره و تستجلب من التمويلات ما لا يمكن أن يخطر على بال غير الموقعين عليها، لأن الحياة البشرية باتت تعترضها عديد العوائق الظاهرية والمتنحية رغم توفر الغذاء والدواء و مخاطرهما وتعدد التخصصات و كثرة الأخطاء الطبية ونقص المعدات و غياب توفر الظروف المطلوبة علميا في بعض التدخلات المستعجلة.

ففي عام 2017 بلغ متوسط وفيات الأمهات وحديثي الولادة في موريتانيا 582 من كل مئة ألف حالة ولادة وهو ما استدعى وأقنع بضرورة العمل على إيجاد حلول عاجلة للحد من نسبة الوفيات، وإن كان البعض يرجع الأمر لضعف الإمكانيات الصحية وقلة عدد الأطباء والاختصاصيين ، و قلة عدد القابلات: حيث يبلغ عددهن بضع مئات بينما يبلغ عدد السكان أكثر من 4 ملايين نسمة، وتعمل 60% من القابلات في ولايات نواكشوط الثلاث ، وفق تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان الصادر عام 2016.

فلو عدنا قليلا لتاريخ الأول من أكتوبر 2020 سيستحضر المتابع للشأن الصحي توقيع اتفاقية بين موريتانيا وفرنسا ممثلة في وزارة الصحة ومنظمة الخبرة الفرنسية بقيمة 8 ملايين يورو مقدمة من الوكالة الفرنسية للتنمية إسهامًا في تحسين صحة المرأة والأم والطفل على عموم الحيز الجغرافي الموريتاني، سعيا إلى تمكين الأمهات من الولوج إلى الصحة و الحد من الوفيات، و إعادة تأهيل و تجهيز بعض مراكز نقل الدم المتوفرة و تطوير العرض في مجال العلاجات الصحية الأولية و تعزيز قدرات الفاعلين الوطنيين و الهيئات المتدخلة في مجال نقل الدم.

فإلى أي حد ساهم هذا التمويل المعتبر وتلك التجربة التي يتحدث عنها مشروع “تميز” في تحقيق أهدافه بالمدن الكبيرة ؟

وما دام مستوى التحسن غير مقبول مقارنة مع الدراسة فما بالكم بالقرى والأرياف التي لم تشملها بعد التغطية الصحية التي تعد اليوم حقا لأي كائن بشري حي ؟!..

وفي ذات السياق وعملا على عدة جبهات،  تم إطلاق مشروع دعم مصالح صحة الأمهات وحديثي الولادة، بتمويل مشترك بين الدولة الموريتانية و البنك الإسلامي للتنمية بغلاف مالي يزيد على 18 مليون دولار بهدف الحد من مؤشرات وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة في الوقت الذي استفادت منه قرابة 30% من الحوامل رغم قرار السلطات العمومية المحدد والصريح (أن النساء اللائي لا يستفدن من التأمين الصحي لهن الحق في الولوج إلى الكلفة الجزافية بتحمل الدولة كل نفقات الاستشارات الطبية ما قبل الولادة وشهرين بعدها) .

فهل وصل هذا الخبر لأكبر قدر ممكن من المعنيين من أجل الاستفادة منه على أوسع نطاق؟  أم أن ذلك سيشكل ضغطا على السعة الاستيعابية على المنظومة الصحية المنهكة أصلا؟

وهل هناك من استراتيجية واضحة على المستويين القصير والمتوسط لتحقيق أهداف مشروع صحة الأم في موريتانيا أم أن الأمر سيبقى متروكا لعلم الغيب فضلا عن بعض التدخلات الطبية التي تفرضها الطبيعة الإنسانية للمهنة ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى