آراء

ديمقراطية ولد حويرثي” / محمد ولد افو

لايوجد مسؤول موريتاني أحدث جدلاً بالقدر الذي أحدثه الوزير محمد أحمد ولد محمد الأمين ( ولد حويرثي). 

فمنذ بزوغ نجمه كوزير للداخلية في الفترة الانتقالية، والحديث عنه لم ينقطع حتى يومنا هذا .

ولن أطرح في هذا الاستهلال سيرة ذاتية للتعريف برجل أثار كل هذا الجدل وملأ مجالس الساسة وصوالين السياسةوشغل الرأي العام

لكنني في المقابل سأمعن في طرح سؤال منطقي يتعلق بمحاسبة ديمقراطيتنا مقابل ما سماه أحدهمديمقراطية ولاحويرثي“. 

 

من المعروف أن الحديث عن شخص ما إنما يتكثف نتيجة تأثيره، فكلما كان مؤثرا في البنية القائمة كلما كان لافتا، ليسكشخص عادي وإنما كظاهرة خارج معهود العرف

قد يكون الأثرمثار الاهتمامسلبيا وقد يكون إيجابيا، وفي الحالتين لا شيء يستعصي على الفهم التاريخي للأحداثوالأفراد

والحديث عن قوة الرجل بدأ بتربعه على وزارة الداخلية في أكثر مراحل تاريخنا السياسي تعقيدا وصعوبة، حيث تولىمنازلة خصوم المرحلة وصناعها في ذات الوقت

فلم يكن ولد عبد العزيز راضيا عن الرجل الذي ظل حاضرا في الأحداث كاستثناء وحيد في ظل نظام ولد محمد فال ثم فينظام عزيز نفسه

ربما سيجيب التاريخ عن سر القوة الخاصة للرجل، والتي خولته البقاء حولقصر العزيزالأشهر في تصفية الخصومبلا هوادة

ما نستطيع تتبعه اليوم هو ما يحدث اليوم في علن السياسة

اليوم يقف الوزير الأشهر في وجه التقاليد السياسية الجاثمة على صدر ديمقراطيتنا متحدثا عنالمعايير“.
تلك العبارة التي عكرت هدوء عش الدبابير المعشعش في أركان الدولة نفوذا وهيمنة وسلبا

لا توجد مهمة أسهل من صياغة النظم ووضع القوانين، ولا توجد مسؤولية أصعب من إعادة هندسة الأعراف السياسيةوفق نظم وقوانين الديمقراطية

من هنا بدأت قصة الوزير المثير لكل هذا الجدل

أحدهم تحدث عن تدخلات معينة واصفا المتغيرات بديمقراطية ولد احويرثي، فما هيديمقراطية ولد احويرثي؟“. 

وقبل أن نستحدث هذا الإشكال، علينا أن نتساءل عن الديمقراطية في حاقنا الوطني وأن نحاول تقييم هذه الديمقراطيةالتي عايشنا طفولتها الهزلية ومراهقتها المعقدة، وعشنا صراعاتها مع الجيش والقبيلة والمال والجهات والأعراق وحضرناكل هزائمها

 

وبعد ثلاثة عقود أصبح من اللازم أن نحاكمبُصَوْموهل سنعده من القوم أم ليس عليه لوم ( بصوم عدوه من الگوم وللماعليه لوم).

الطفل المدلل الذي اشترى له والده النافذ كرسي أطفال ملون، هاهو اليوم يريد كرسيا من كراسي الكبار، وفي خضمالديمقراطية البالغة لا يزال أبوه يوصي عليه حتى يورثه إياه، وتدرك الديمقراطية البالغة أشدها، أن من صالحها توريثالكراسي والمنافع لاعتبارات تتعلق بالواقعية السياسية المحمية بالحق القانوني، فلا أحد يستطيع إيقاف التوريث وفقالقوانين الناعمة للديمقراطية،

وحدهاديمقراطية ول احويرثي”  استطاعت أن تقول للنافذينكفىواستطاعت سحب لوائح الأبناء المدللينوالوقوف دون تمديد عمر هيمنة الطبقية السياسية والعبودية الرأسمالية

 

وحدهاديمقراطية ول حويرثيالتي استطاعت إيقاف انتشار التفاهة السياسية حين تحدثت عن معايير الترخيصللأحزاب السياسية وارتقت للحديث عن معيار  “الرؤية السياسيةوالكفاءة الشخصية

إنه حديث يقف في وجه الحق الأبله للأفراد  مقابل الحق الواعي والراعي لمصالح الأمة

 

وحدهاديمقراطية ول حويرثياستطاعت أن تستحدث نفسها في وجه الديمقراطية الموبوءة بالذات القبلية وثقافةالغبن واعتبار المواطن مجرد ناخب تابع يتحرك آليا وفق إرادة هذا الوجيه النافذ أو ذاك

إن الإصلاح الحقيقي يبدأ بإعادة تصميم القيم السياسية وتشكيل وعي يحرر الفرد من هيمنة النفوذ

وهي مهمة في غاية التعقيد لأن ميدان عراكها يقع بين الحق القانوني والباطل الاجتماعي

 

بقي أن نذكر بأن الرجل القوي هو ظل لرجل قوي وأنديمقراطية ول حويرثيإنما هي رؤية سياسية لنظام سياسياختار لها أقوى عناصره

ولن يكون الوقت مناسبا لمواجهة القيم أكثر من وقت تجتمع فيه القوة والكياسة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى