بيت الشعر أو “خمية الوبر” كما نسميها بالحسانية تراث مهدد بالاندثار مع الأسف، قليلات اليوم هن النسوة اللآتي مازلن يحذقن معارف وتقنيات غزل الشعر ومعالجته ونسجه في موريتانيا وتحوليه إلى “فلجه” التي تتشكل منها خيمة الوبر ومع الأسف، ولا يخفى أن عدم إكتراث المعهد الموريتاني للبحث والتكوين في التراث بالقيام بجرد وحصر للمعارف التقليدية ومجمل تقتيات التراث غير المادي ومنها تراث الخيمة جعل تراثنا الثقافي اليوم في مهب الضياع، وفي ظل عدم وجود سياسية للمحافظة عليه في وجه تيار عولمة جارف، نعيش تحت وقع تأثيراتها المختلفة التي أرغمتنا في لحظة غياب الوعي بالحفاظ على تراثنا على التخلى عن خيامنا البدوية الأصلية رمز هويتنا لفائدة خيام تراثية مصنعة مستوردة لا تمت لنا بصلة !!! لقد راودني التفكير في هذا الموضوع منذ سنوات ثم عاد مجددا الأسبوع الماضي عندما دعيت للمشاركة في موسم طانطان بالمغرب حاضن ثقافة الرحل في العالم، ولم تفاجئني أهمية حضور خيمة الوبر في هذه التظاهرة بالنظر إلى زمزيتها في ثقافة الرحل البيظان، ولاحظت حجم الجهد المبذول للحفاظ على هذا الموروث المشترك من خلال جرده إحيائه وتنظيم ندوة دولية منذ سنوات خلت في الأقاليم الجنوبية للمغرب حول خيمة الوبر، نشرت أعمالها كما تم إصدار كتاب صور جميلة (un beau livre) للخيمة، فضلا عن عدة أفلام وثائقية وإصدار طابع بريدي إحتفاء بخيمة الوبر، في حين يترك “أهل موريتانيا” الذين هم حسب تقدير المؤرخ محمد مولود ولد داداه “الخيمة الكبيرة” لتراث البيظان، يتركون هذا التراث التليد للتلاشى والإندثار مع الأسف دون إكتراث! هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟! عندها يبرز الفرق بين التمشي المنهجي المدروس لصيانة التراث وتثمينه والمحافظة عليه والعمل على إدخاله في الدورة الاقتصادية، مقابل حالة غريبة من اللامبالاة وعدم الاكتراث الذي يطبع تسيير تراثنا الثقافي وما يبدو من عدم وعي القائمين على إدارته بأنه إن استمرت عدم مبالاتهم بالتراث الوطني جردا وحصرا وتوثيقا وتثمينا، دراسة وبحثا فسنفقد بعد سنوات قليلة ما تبقى من تراث الأجداد ولن يجدي الندم الحسرة حنئذ.
اللهم قد بلغت، اللهم فأشهد.