ثقافة

من قصص الحياة //(1)

حبيب الله أحمد

التقيته فى المستشفى يسير بخطوات متثاقلة يقود صغيرا فى الخامسة من عمره
عجز عن سداد ثمن فحص أشعة صدر للصبي
ولأنه كان متعففا فقد فضل الصمت ومحاولة العودة بهدوء إلى مقاطعة الرياض التى غادرها صباحا ليعرض الصبي على طبيب أطفال
تقاذفته باصات النقل وسد الزحام فى وجهه كل الطرقات فاحتاج لساعات كي يصل المستشفى
غادر منزله السادسة صباحا
والآن حدود منتصف النهار
رجل من جيراننا عرفته لسنوات طيبا مسالما غني النفس رغم فقره المدقع
عانقني بحرارة وبصدق فالعامة لايحترفون النفاق ولا المجاملة
توجهت معه إلى قسم الأشعة وضعت يد طفله فى يد زميل لى ومعها ورقة الفحص
بعد ربع ساعة استلمنا” كليشيه”
دلفنا إلى قسم الأطفال حيث الطبيب المعني بالفحص
اعرفه جيدا طبيب خلوق ومهني لايستريح أبدا إلا إذا كانت قاعة الاستشارات خالية من الأطفال المرضى حتى لو تطلب منه الأمر عملا متواصلا لما قبل صلاة العصر
طمأننا فلا مشكلة لدى الطفل فقط عليه استعمال مضاد حيوي وسواغ” مقشع”
سألت الجار الطيب ونحن نبحث عن صيدلية لأخذ دواء الصبي عن أكبر ابنائه
دمعت عيناه وذلك منتهى الهزيمة فالرجل عهدته جبلا لاتهزه الريح
ارتبكت وخشيت أن يكون ابنه قد رحل أو أصابه مكروه
تركته مع الدموع ودخلت الصيدلية
جذبنى وافهمنى أن لديه مالا كثيرا فقط كان فى عجلة من أمره ونسي دراعته التى فى ” لبنتها” النقود
الرجل به تعفف غريب رجل شهم لم يكسر الفقر عزيمته ولم يستطع الدهر الضنين الصعب لي ذراعه
تخلصت منه بهدوء وافهمته اننى سآخذ منه ثمن الدواء مضاعفا عندما نصل إلى منزله
كان رجلا مهيب الطلعة مشرق القسمات
حاول أن يعفينى من الذهاب به إلى الرياض
تحدث عن الزحمة الخانقة وعن قريب له سيأتي للذهاب به واسهب فى الحديث عن سيارات الاجرة وتطبيقاتها
اقنعته باننى فقط ساوصله لشارع يأخذ منه أجرة
اخذت به طريق الشاطئ هربا من الزحمة
طريق طويلة لكنها سالكة ستسلمنا لجسر( تآزر) ومنزله قريب من الجسر
كانت نفثات الشاطئ منعشة كأنها مكيف فتحناه بعد( تنور) العاصمة شديد السخونة
عاودت سؤاله عن ابنه البكر
مرة اخرى غص بالدموع
ولكن الغريب أن الصبي بكى بحرقة هذه المرة عندما سمع اسم أخيه…
بعد الفاصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى