آراء

عن التيار

بقلم: الأديب والإعلامي: الشيخ معاذ سيدي عبد الله

ليس مستغربا أن يُسيل تيار (من أجل الوطن) كل هذا المداد، ويتسبب في حملة عصف ذهني كهذه، وليس مستغربا أيضا أن يثير اهتمام أقلام اعلامية وفكرية لها ثقلها، ومكانتها في الساحة.
هذا التيار يرأسه رجل شكل على مدى تاريخه السياسي اسما مغريا للاعلام لما يمتلكه من كاريزما وحضور وقدرة على التعامل مع المخالف، هو السيد جميل منصور.. ولذا كان طبيعيا أن تكون الساحة النخبوية جاهزة لقول كلمتها في خطوته الموالية قبولا أو رفضا أو تحفظا..

وفعلا بدأ الرجل في اتصالاته وكثف من لقاءاته، عارضا رؤيته السياسية الجديدة، ومستمعا للمقترحات والتحفظات، ليسفر ذلك عن تيار جمع أطياف موريتانيا المختلفة، من قوميين وإسلاميين ومستقلين وغيرهم..

هذه الأطياف مثلتها أسماء كبيرة، لها تجربتها السياسية، مع أغلبية من المثقفين والأطر الذين رأوا في وثيقة التيار فرصة لبدء مسارهم السياسي، وتشكيل إضافة لخريطة العمل الوطني الشاسعة..

في تشكيلة التيار يوجد جامعيون وطلاب ومحامون ودكاترة ومهندسون.. يوجد عاطلون، وحرفيون …

إن السؤال الذي ينبغي طرحه أولا هو :
عن سبب ثقة هؤلاء في وثيقة تيار سياسي كهذا..
والإجابة قطعا تفرض النظر في تجربتنا الديمقراطية ومآل العمل السياسي وشكله اليوم.. فمقارنة بسيطة بين الخريطة الحزبية الوطنية، بما فيها من رموز وأسماء كان بريقها كاف لدعمها، وبين واقع تلك الخريطة اليوم، لابد أن يفهم لماذا بدأ البحث عن بدائل ..

هذه البدائل تستوي فيها الموالاة والمعارضة، فالوطن في نظر الكثيرين بحاجة لخطاب موالاة جديد، لا يعتاش على مجرد الدعم الأعمى والتبرير الأعرج، وإنما أيضا على النقد البناء والاقتراح الإيجابي..

وبحاجة أيضا لمعارضة ترفد خطابها بالأدلة والبراهين، وليست معتمدة على الرفض والانتقاد باللفظ فقط..

إنها ساحة سياسية تحتاج للتغيير في الخطاب وفي أساليب العمل والتعاطي..

إن مشكلتنا في موريتانيا هي أننا تربينا على ثوابت في العمل السياسي، واقتنعنا بأنها صالحة لكل الأزمنة والعصور.. رلهذا غاب عندنا مبدأ المراجعة الفكرية، إذ لا حاجة لنا به ما دام المناخ العام (عايز كده)..

وهنا أصل لفكرة لدى بعض الاخوة، تقول إن هذا التيار قد لا يعمر بسبب ما يحمل بداخله من اديولوجيات متناقضة..

فعلا .. هذا غير مستبعد لو أن المنضوين فيه لم يقوموا بمراجعات ذاتية، أفضت إلى أن الوطن يسع الجميع وأن المصلحة الوطنية لا تضاد المصلحة الوطنية.. فما يخدم الوطن متفق عليه سواء صدر عن الاسلامي او البعثي أو الناصري أو المستقل..

ربما كان هذا غير مستساغ في فترة سابقة كانت فيها الاديلوجيا اهم من الوطن، وعين بعض روادها على الكم دون الكيف، بحيث يكون الكيف مستقدما من الخارج ومعلبا دون الاهتمام بمدى صلاحيته لتربة الوطن من عدمها..

أعتقد أن تيار ( من اجل الوطن) سيعمل – وهو أملنا – على تقديم درس سياسي جديد مفاده أن لا خلاف على مصلحة الوطن وأن موريتانيا قبل التيارية الضيقة…

ختاما : علينا في تيار ( من أجل الوطن) أن نفرح لما حققه لحد الساعة من زخم ومن اهتمام لدى النخبة، بغض النظر عن أغراض بعضها ..

سيتحول هذا التيار إلى حزب، وسيُسيل مدادا أكثر وأكثر، وما ذاك إلا من علامات التأثير.. ولمَ لا النجاح؟

فقط أرى أن بعض المنتقدين لم يطلعوا على الوثيقة السياسية للتيار، ولم يستمعوا لخطابات قادته خلال مؤتمره التأسيسي وحفل انطلاقته، فقد شكلت تلك الخطابات طررا وشروحا مهمة لمن اطلعوا على المتن.

ليتهم اطلعوا عليها، وفتحوا نقاشا في مضامينها.. فالبرنامج السياسي أهم من الأشخاص…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى