العام 2024 استثناء في التاريخ السياسي لموريتانيا، إذ نعتقد بأن فخامة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الجمهورية جاد في طموحاته من خلال مأمورية الشباب، ما يوضح أن تعيين معالي السيد المختار اجاي “وزير أول” قرار موفق، إذ أثبت الوزير أنه القادر على التوفيق بين المعايير الأساسية لاقتراح أعضاء الحكومة وفق التوجيهات المتعلقة بالكفاءة والخبرة والتجانس والتكامل تماسيا مع توجيهات صاحب الفخامة.
معالي الوزير الأول أصبح جديرا بالاحترام أكثر من ذي قبل بعد حصوله على ثقة رئيس الجمهورية وتكليفه بتنسيق عمل الحكومة وإدارة برامجها التنموية في إطار برنامجه الانتخابي الاستراتيجي “طموحي للوطن”، نظرا لجسامة المسؤولية وتعدد التحديات وحساسية الظرفية.
صحيح أن الشباب الموريتاني اليوم يعاني من الغبن والإقصاء المتعمد والتهميش الممنهج في القطاعات الحيوية والدوائر العمومية بشكل عام، يعود ذلك لأسباب لا صلة لها بالكفاءة ولا الخبرة، وإنما محض الانتماء الفئوي بالدرجة الأولى، والانتماء الشرائحي غالبا والجهوي والقبلي في كثير من الأحيان..
الشباب يعاني من الإحباط بفعل سياسات الاستغلال والاستبعاد بشكل ممنهج وفق إرادة قوية قوامها قوة ناعمة، رسمت خطتها طويلة الأمد، لتبقى تتحكم وتعد الفرد ليصبر على مزيد من الاستغلال حتى تنقضي فترة شبابه فينحسر، وتموت طموحاته وآماله فقناعاته، بعدها يتسلق الجدار المكسيكي مجازفا بروحه بحثا عن أمل آخر بديل عن المفقود، لعله يرى الوجود هناك أحسن من الوعود هنا في بلده، ويدفعه الندم على ما فات من عمره في انتظار وهم مريح، إلى الجد و العمل في واقع مر؛ علما أن المر أكثر هو البقاء في انتظار المزيد من الوعود الكاذبة بالتمكين والتعيين.
هذه معضلة أخذت عمرا طويلا بينما يمكن أن تحل بالإرادة في أقرب وقت، وهو ما ينتظره الشباب بشغف من خلال كفاءة معالي الوزير الأول، لأن فهمه وإدراكه وتجربته مؤهلات تمكنه من حسن التدبير والتسديد، خاصة وأن الشباب أثبت جدارته وكفاءته وانضباطه وترفعه عن صراع الأجيال، واختياره مبدأ المجايلة في العمل والتعاطي مع الشأن العام، منذ حوالي عشرين سنة تدرج خلالها بين المسؤوليات، وأبرز نموذج عن ذلك هو المسار المهني للشاب الطموح والواعد معالي الوزير الأول المختار اجاي إذ حل مشاكل متعددة إلى حد قريب كان يعاني منها النظام الإداري والمالي لتسيير مؤسسات الدولة، ما ضبط قواعد تسيير الميزانيات، ونظم تسديد الرواتب بحيث مهد الطرق أمام الكثير من الأطر و الإداريين من ذوي الخبرة المحدودة.. بل وحل الكثير من المشكلات الضاربة في الصميم، أما اليوم وبعد أن أعطي القوس باريها جاء الدور لتحل مشاكل الشباب بالشباب من خلال مأمورية الشباب، وفق توجهات وتوجيهات رئيس الشباب السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
وهو ما يؤكده اختيار أصحاب الكفاءة والخبرة ضمن أعضاء الحكومة، فالسيرة الذاتية لمعالي السيد أحمد سالم ولد بده واختياره وزيرا للتحول الرقمي دليل قطعي على التوجه لتمكين الشباب، وجدية الإرادة من أجل إصلاح هذا القطاع وتسوية مشاكله، سبيلا لتسريع وتيرة التحول الرقمي وفق طموحات رئيس الجمهورية، فالشاب يتمتع بمختلف المهارات الناعمة والخبرات التقنية التي تؤهله إلى حسن التسيير والتدبير، وتمكنه من ضبط النظام الإداري والتسيير المالي، والمتابعة الدقيقة للالتزامات الداخلية والخارجية لتنفيذ استراتيجيات قطاع التحول الرقمي بانسجام تام وتكامل مع توجهات الحكومة.
إلى ذلك كان من الملفت للانتباه اختيار الدكتور الحسين ولد مدو وزيرا للثقافة والاتصال، ما يعني الاهتمام بترقية الخطاب الحكومي والسعي إلى تمهين الحقل الإعلامي وتحسين أداء وسائل الإعلام العمومية، وتنظيم الفضاء السمعي البصري الحر، ومجال الإعلام الرقمي، ذلك أن معالي الوزير أحسن خلال توليه رئاسة السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية بالعمل على أساسيات الضبط من خلال تهيئة الأرضية وتحيين القوانين المنظمة للفعل الإعلامي.
طبعا، لا نستطيع تحليل دوافع اختيار كل واحد من الوزراء، لكننا نستطيع تأكيد الإرادة السياسية من أجل الإصلاح والتمكين والتمهين، وكفاءة الفريق الحكومي وجدارته، لدرجة تثلج الصدرة وتطمئن المواطنين والمتابعين والمراقبين المهتمين بالشأن العام، كما نستطيع تأكيد أن البداية كانت مطمئنة على التوجه لتكون المأمورية الثانية لرئيس الجمهورية مأمورية للشباب وبالشباب، ما يعني أن تشكيلة الحكومة تتميز بوجود عناصر خبيرة للتفكير والتحليل والتقييم والتدبير، وفق رؤية استراتيجية واعدة؛ كما تستند أيضا تشكيلة الحكومة على طاقات شبابية هندسية قادرة على حسن التخطيط والتدقيق والتطوير، لذلك لا بد أن نتوقع نتائج نوعية لعمل هذه التشكلة الحكومية بقيادة معالي السيد المختار اجاي وفق توجيهات رئيس الجمهورية.