الأحداث الوطنية الكبرى موعد غاية في الأهمية ومناسبة ثمينة لوضع لبنات جديدة على طريق البناء والتنمية. وتعتبر الاستحقاقات الرئاسية وقفة للتأمل وأخذ نفس جديد وزاد ضروري بتجديد العهد والثقة مع الشعب، أو طي صفحة وفتح أخرى بقرار من الشعب والشعب وحده.
فالديموقراطية تجربة إنسانية أثبتت نجاعتها رغم ما يعتريها من نواقص وعيوب كثيرة، ليس أقلها الاستغلال والتفرد بالسلطة والقرار من طرف مجموعة قد تزيد على منافستها بأقل من أصابع اليد وهي وضعية لو تمت قراءتها بطريقة أخرى لرأينا وجها مختلفا وواقعا آخر( أغلبية + 1 وأغلبية – 1).
إن مفهوم العملية الديمقراطية رغم الخطوط العريضة يقوم على نسيج من الخيوط المتداخلة والمتشعبة يتطلب تناغمها إحترام معايير متكاملة وغير قابلة للتجزئة، فقبل الوصول إلى عملية الاقتراع يجب أن تتوفر ضمانات يتم التوافق حولها حتى يكون الاقتراع خاتمة وليس إنطلاقة لمرحلة أخرى من الاضطرابات والخلافات و التخندقات والصراعات، فما الفائدة من تحريك المصادر المالية والبشرية لبلد في عملية تشاركية لم يتفق أطرافها على آلياتها ونتائجها.
إن نجاح الديمقراطية يتجسد في مؤسسات قائمة تعكس نتيجة العمل لكنها قبل ذلك جهود رجال يؤمنون بها ويحترمون نتائجها ويتساوى في ذلك من في السلطة ومن يقف في خندق المعارضة، فالإيمان بمفهوم الديمقراطية هو الأساس والأرضية الصلبة التي يقام عليها الأساس والبناء بأكمله.
إن كل الآراء الديموقراطية صائبة، فالمسألة ليست في من يقول الحق أو عكس ذلك بل في إحترام كل الآراء لأن كل كفة راجحة بالنسبة لأصحابها، لذلك نحتاج إلى ميثاق شرف نحترمه جميعًا من أجل الوطن ومن أجلنا و أوجزه في النقاط التالية:
– أن نحافظ على قاموس لغوي خالي من السب والقذف والذم والتجريح لمجرد إختلاف المواقف.
– أن لا تستغل وسائل الدولة في المنافسة.
– أن توفر جميع الضمانات المتعلقة بالشفافية.
– أن يبتعد المترشحون عن زرع بذور الشك والريبة مسبقا.
– ضمان توفر محاضر التصويت في المكاتب لممثلي كل المترشحين.
إن النظام الديمقراطي لا يقوم على طرف واحد ولا رؤية واحدة بل يتطلب نجاحه مشاركة الجميع والتدرج في بنائه، فليس هناك مقياس لنضج المجتمع أكبر وأهم من المحافظة على الأمن والإستقرار وهذه مسؤولية كل مواطن وواجبه، وذلك ما يضمن حماية المكتسبات وتعزيزها.
إن هذا الوطن الذي لا وطن لنا غيره يستحق جمع جهودنا في جو ملؤه الوطنية والعدالة والمساواة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.