آراء

الانتخابات الرئاسية 2024: ما ذا بعد نشر اللائحة المؤقتة للمترشحين؟

محمدن سيدي الملقب بدنَّ / خبير انتخابي

بموجب المداولة رقم 002 – 2024 الصادرة اليوم الجمعة 17 مايو 2024 قام المجلس الدستوري بنشر اللائحة المؤقتة للمترشحين للانتخابات الرئاسية 2024 (اقتراع 29 يونيو ) مرتبةً حسب التسلسل الزمني لإيداع ملفات الترشح من قِبَلِ المعنيين لدى الأمانة العامة للمجلس الدستوري. وجاءت اللائحة على النحو التالي:

أولا- محمد الشيخ الغزواني؛
ثانيا- محمد الأمين المرتجي الوافي؛
ثالثا- حمادي سيدي المختار محمد عبدي؛
رابعا : أوتوما آنتْوانْ سليمان سوماري؛
خامسا- مامادو بوكارْ با؛
سادسا- العيد محمدن امبارك ؛
سابعا- بيرامْ الداه اعبيْد.
 

وذكّرت هذه المداولة بأحكام المادة 5 من المرسوم رقم 278-2012 الصادر بتاريخ 17 دجمبر 2012 المتضمّنة تطبيقَ القانون المتعلق بالانتخابات الرئاسية التي تنص على أنه “يحق لكل مترشح الاعتراض أمام المجلس الدستوري على اللائحة المؤقتة  خلال 48 ساعةً اعتبارا من نشرها”.

ويبتّ المجلس الدستوري في الطعون المحتملة في أجل 48 ساعة من التعهد..

وبعد انقضاء أحد الأجلين يصدر المجلس الدستوري اللائحة النهائية للمترشحين و يكون ذلك النشر مؤذناً بمباشرة التصوير لدى المجلس الدستوري.

ويتمثل ذلك في حضور كل مترشح من جديد لدى مبنى المجلس الدستوري ليخضع للتصوير من قبل مصور معين و بمواصفات معينة. وتوضع صور المترشحين على بطاقة التصويت الوحيدة مترتبة حسب ورودها في المداولة الصادرة عن المجلس الدستوري.

أما بطاقة التصويت الوحيدة  فلها مميزاتٌ خاصة يحددها المرسوم رقم 2006-90 الصادر بتاريخ 18 أغسطس 2006 المتعلق باستخدام بطاقة التصويت الوحيدة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية.

وأما الصور فيتم التقاطها طبقا للشروط المحددة في ‎ المرسوم رقم 2007-044 الصادر بتاريخ 08 فبراير2007 المحدد للمواصفات الفنية لصور المترشحين للإنتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية.

وتنفيذا لترتيبات المرسوم المذكور ، يجب أن تكون صور المترشحين للانتخابات الرئاسية مطابقة للمواصفات التالية:

أولا – يقوم بالتصوير مصور مهني يتم اختياره بصورة مشتركة بين المجلس الدستوري واللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.

ثانيا – تكون الصورة على شكل صورة بطاقة التعريف الوطنية أي الوجه وتكون ملونة وعلى خلفية بيضاء؛

ثالثا – المقاسات: 35 مم في العرض على 45 مم في الارتفاع؛

 رابعا – يجب أن تبرز الصورة مظهرا مكبرا للوجه والرقبة أو حتى الجزء الأعلى من الصدر بحيث يمثل الوجه من الصورة 70 % إلى 80% ويحتل منها المركز.

خامسا – يجب أن يكون ارتفاع الوجه 32 مم إلى 36 مم من تحت الذقن إلى حدود الجمجمة دون الشعر؛

سادسا – لا يسمح بتغطية الرأس إلا للنساء ولكن يجب عليهن أن لا يغطين الوجه جزئيا أو كليا إذ يجب أن يبقى قابلا للتمييز بصورة جلية؛

سابعا – لا يسمح بالنظارات السوداء أو الملونة، ويجب أن لا تخفي النظارات المرخصة العينين، ويجب أن لا تحمل النظارات صورة الانعكاس الضوئي وتحرم النظارات ذات الإطار الغليظ؛

ثامنا – يجب أن تكون الصورة واضحة المعالم وأن تظهر ملامح الوجه بصورة تمكن من تمييزها بجلاء دون تجعد أو طلاء أو وسخ بمعيار توضيح مقداره 600 وحدة dpi على الأقل؛ 

تاسعًا – بعد إنتاج الصورة تتم الموافقة عليها من قبل المترشح الذي يوقع على وثيقة مصادقة معدة لهذا الغرض من قبل المجلس الدستوري؛ 

عاشرا – تدرج وثيقة المصادقة المذكورة في ملف الترشح.

هذا وبعد نشر اللائحة النهائية للمترشحين (التزكية) و التقاط صور المترشحين في مقر المجلس الدستوري ، يقوم المجلس الدستوري بإحالة هذه اللائحة إلى الحكومة ” التي تنشرها 30 يوما على الاقل قبل الشوط الأول من الاقتراع” أي يوم الأربُعاء 29 مايو 2024 كآخر أجل.

“ولا يسمح بانسحاب أي مترشح بعد هذا النشر”.وتحال هذه اللائحة كذلك إلى اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لتباشر على أساسها طباعة بطاقة التصويت الوحيدة. 

ملاحظة: ذكر بعضُ المدونين أن المجلس الدستوري نشر اللائحة المؤقتة للمترشحين خارج الأجل المحدد لذلك في المدونة الانتخابية. 

وفي الأمر مسألة قانونية طريفة يجب التنبيه إليها وهي أن المنطق يقتضي نشر اللائحة المؤقتة للمترشحين مرفقةً بلائحة العمد والمستشارين الذين تبنوا الترشح باعتبارها شرطًا من الشروط التي يتم على أساسها الطعن. 

والمشرع فرّق خطأً بين تاريخ نشر اللائحة المؤقتة للمترشحين و تاريخ نشر لائحة العمد والمستشارين الذين تبنوا ترشح المترشحين، بل وفرّق كذلك بين المسألتين في موقعهما من النصوص حتى وردا وكأنهما إجراءانِ  منفصلان إذ جاء أحدهما في القانون المتعلق بالانتخابات الرئاسية و جاء الآخر لاحقًا في المرسوم المطبّق له.واختلف الاجراءات كذلك حتى في تاريخ النشر وذلك على النحو التالي: 

أولا – لائحة العمد والمستشارين الذين تبنوا الترشحات: 

جاء في المادة 6 (جديدة) من الأمر  القانوني رقم 91 – 027 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1991 المتضمّن القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، المعدل: “يتأكد المجلس الدستوري من قبول المترشحين.

يتم الإعلان عن أسماء وأصول المنتخبين الذين تبنوا الترشحات لرئاسة الجمهورية من قبل المجلس الدستوري في اليوم 35 على الاقل قبل الشوط الأول من الاقتراع، وذلك في حدود العدد المطلوب توفره في صحة الترشح” ووفقا لهذا الأجل يكون يوم الجمعة 24 مايو 2024 هو آخر أجلٍ لصدور “الإعلان عن أسماء وأصول المنتخبين الذين تبنَّوا الترشحات لرئاسة الجمهورية” وعلى ذلك الأساس يكون المجلس الدستوري الموقر قد نشر لائحة العمد و المستشارين الذين تبنوا الترشحات في صميم الأجل القانوني المرسوم إذ نشرها زوال يوم الجمعة 17 مايو 2024م. 

ثانيا – اللائحة المؤقتة للمترشحين:

لم يتعرض القانون آنف الذكر لتاريخ نشر اللائحة المؤقتة للمترشحين و إنما ورد ذلك في المرسوم رقم 2012.278/ الذي يحدد إجراءات سير الحملة الانتخابية وعمليات التصويت في الانتخابات الرئاسية. 

تقول المادة 4 من هذا المرسوم : “يعد المجلس الدستوري اللائحة المؤقتة للمترشحين وينشرها في اليوم الرابع والأربعين 44 السابق للشوط الأول من الاقتراع”. 

Article 4 : Le Conseil Constitutionnel établit la liste provisoire des candidats et la rend publique le 44ème jour avant le premier tour de l’élection.

وهذا الأجل دون أي لبس هو  يوم الخميس 16 مايو 2024م ، ويمتد بحرفية القانون بين الساعة صفر ومنتصف الليل .وعلى ذلك الأساس يكون المجلس الدستوري الموقر بنشره اللائحة المؤقتة للمترشحين يوم الجمعة 17 مايو 2024 قد نشرها خارج الأجل المحدد في النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات الرئاسية.

والحقيقة أن المجلس الدستوري قد تأوّل بطريقة ذكية جدا من أجل التوفيق بين الضرورة اللازمة لاقتران المسألتين (اللائحة المؤقتة و لائحة المزكين) ووجوب تزامن نشرهما في نص موحّد فرجّح  الأجل الوارد في القانون والمحدِّد لتاريخ نشر لائحة العمد والمستشارين الذين تبنوا الترشحات (يمتد إلى يوم الخميس 24 مايو 2024) على ذلك الوارد في المرسوم والمتعلق بتاريخ نشر اللائحة المؤقتة للمترشحين (وهو يوم 16 مايو 2024) وهذا تأوّل جد مستساغ ولكنه قابل للنقاش.

إذ بموجبه يُستساغ كذلك تأخير نشر اللائحة المؤقتة للمترشحين حتى يوم 24 مايو 2024 ومن هنالك يسري الأجلان: أجل الطعون المحتملة (25-26) وأجل البتّ فيها (27-28) وفجأةً يعترض سبيلنا في اليوم الموالي يوم 29 مايو 2024 الذي هو بصريح القانون آخر أجل لنشر اللائحة النهائية للمترشحين.

وفي هذه الاحتمال: متى يتم نشرُ هذه اللائحة و كيف تتم إجراءاتُ التصوير ؟! والخلاصة أن الأولى كان نشر اللائحة المؤقتة للمترشحين يوم 16 مايو 2024 بدلا من يوم 17 مايو 2024 إذ ما لا تأويل فيه أولى من ما فيه تأويل ، ويبقى المجلس طبعًا أوسع نظراً في الموضوع.

أقول هذا وأنا أستحضر بمرارة مثولي مرة أمام أحد رؤساء المجلس الدستوري السابقين في منزله العامر المجاور، أعتذر له عن ملاحظة أبديتها عن قناعة راسخة في برنامج مباشر مع إحدى القنوات المستقلة حول قرار من قرارات المجلس. 

اجتمع المجلس الدستوري ليلتئذ بصورة عاجلة في مقره ولكنْ خارج أوقات الدوام الرسمي لنقاش نقطة فريدة في جدول الأعمال هي تقديم الرئيس شكوى رسمية إلى المحاكم القضائية المختصة من العبد لله! ولكن بشفاعة عضو المجلس الصديق الأديب الأستاذ عابدين بن التقي كان علي أن أعتذر واعتذرتُ فقُبل الاعتذار وتم إنقاذ الموقف.

وهكذا انتهت جلسة الاعتذار بأريحية وودعنا السيد الرئيس وهو يرينا بعض صوره التذكارية الجميلة المعلقة على جدران مكتبه المنزلي ومن أبرزها واحدة مع نظيره المصري ابّان التقاطها: بطرس بطرس غالي المعلنة وفاتُه في ذلك اليوم المشؤوم : الثلاثاء 16 فبراير 2016م. 

لو أنني كنت سجنت بسبب إبدائي تلك الملاحظة العابرة بالصوت والصورة لكان شفع لي أن أقرّني عليها بجزم أستاذي البروفسور أحمد سالم ولد ببوط تغمده الله برحمته الواسعة. 

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.

حرر في انواكشوط بتاريخ 17 مايو 2024.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى