في ذكرى خطاب الترشح فاتح مارس 2019
الأستاذ محمد فال ولد عمير / المدير العام السابق للوكالة الموريتانية للأنباء
في ذكرى خطاب الترشح فاتح مارس 2019
لم يتعهد محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب ترشحه لرئاسيات 2019 بالقطيعة مع الماضي ولم يتوعد من سبقوه بمقاضاتهم على أخطاء محتملة إن كانوا قد ارتكبوها.. كما أنه لم يلتزم بخلق فردوس لمن طلب منهم أن ينتخبوه…
التزم المرشح فقط بتسخير كفاءته وتجربته وطاقاته وكل كيانه لخدمة موريتانيا وشعبها لإضافة لبنة إلى البناء الوطني بإصلاح ما يمكن إصلاحه… دون لغط…
شكل يوم الفاتح من مارس 2019 يوما لضخ دماء جديدة وشكل مستجدا من الالتزام الشخصي أمام جماهير ملت الوعود والكلام الناعم عند من يطلب منهم التزكية…
اختار المترشح خلق جو حميمي مع الشعب وإبراز سريرته الطيبة التي تكرس “الاجتماعية” ومثل ذلك خطوة طيبة تقربه إلى النفوس ليظهر على حقيقته الإنسانية المحببة. لكون هذه الاجتماعية هي البرهان على التواضع و التٱزر عند الحاجة و القرب من المواطن…
وقد اختار ضمير المتكلم المفرد “أنا” عند حديثه عن قيم الإنصاف والعدل والتسامح والحلم -بكسر الحاء- . تلك هي القيم التي التزم المترشح بجعلها أساسا لحكمه وعمادا لحكامته وهو الذي قال حينها : “إن للعهد عندي معنى”…
وقد أحيت هذه العبارة علاقة الثقة المفترضة بين القائد و الشعب…
لا شك أن الرئيس تمكن من إصلاح ما أفسده الدهر، وطغيان الإنسان على العديد من المستويات؛ حيث بدأت التهدئة السياسية والاجتماعية وما صاحبهما من إجراءات كفيلة بإضفاء صبغة أخلاقية على عموم مسلكيات القائد…
من مظاهر قوة الرجل إشعاع هذا السلوك البراق على الحالة العامة التي تضافر فيها البعد الروحي للرجل والبعد المهني للقائد مما يقتضي الرحمة مع الصرامة وهما شيمتان تحصنانه من أن يتملكه الغير…
ونحن على يقين من أن المشروع الذي تعهد به شخصيا سنة 2019 وحوله إلى واقع ملموس خلال مأموريته هو الأساس للمشروع الوطني ذي البعد التشاركي و الاندماجي والذي يخدم البلد ليشكل صمام أمان أمام الانجرافات المحتملة التي تهدد منطقتنا سواء على المستوى الإقليمي أو القومي…
الطريق مازال طويلا،
كان التحدي القائم في ستينات القرن الماضي هو فرض الوجود.. كدولة مستقلة ذات سيادة.. و في السبعينات والثمانينات كان تحدي الهوية والاستقلالية قائما أمام تهديدات الجفاف و الحرب و تردي الوضعية الاقتصادية… وفي مطلع القرن الواحد والعشرين كان الأمن والاستقرار يشكلان الخطر الأكبر… أما اليوم فالتحدي الرئيسي يكمن في تقوية الجبهة الداخلية وبلورة استراتيجية اقتصادية واجتماعية تخرجنا من دائرة الدول الفقيرة إلى مستوى الدول النامية تفتح آفاقا مطمئنة للشباب الطامح في المشاركة في بناء وطنه… ولذلك يجب البنيان على ما أسس في مأمورية “العافية” والتعافي بعد أن صمدنا أربع سنين أمام أزمات منها السياسي (ملف العشرية وما صاحبه من لغط) والصحي (جائحة كورونا) والاقتصادي (تأثيرات الحروب في العالم) بفضل حكامة تميزت بالرشد والنعومة.